الخميس، 4 مارس 2021

اختر حلمك (مجموعة "خداع بصر"- 7)

 


 

اختر حلمك

 


= ألا من طريقة للتخلص من الأحلام؟ الحلمين البغيضين إياهما أعنى يا دكتور!

--- لا تنم!! ولكن انتبه... حتى حين لا تنام لن تهرب من أحلام اليقظة..

ولكن أحلام اليقظة تحت تحكمك لا انت تحت تحكمهما..

= الحلمان لا يطاقان..

--- يمكنك الاختيار بينهما والتعامل مع واحد فقط ونصف البلاء أهون من البلاء كله..

= كيف.؟

--- غلِّب أحدهما على الآخر..

 

خرج مريض الأحلام لا يعلم من يراه إن كان ضعيف العقل والجسيد جميعاً،

أم هو يعمل ورديّة ليلية مضنية دائمة طبعت علاماتها على سحنته ومشيته!!

 

"لا تنم"؟!؟

مضحك هذا الطبيب!

"اغلب حلماً بالحلم الآخر"!؟!

كيف؟

وإن نجح مريضنا الحائر، فماذا يعمل مع الحلم الغالب الذي حين يتغلّب على الحلم الآخر فإنه حتماً سيستفرد به وييغلبه هو.. تساءل قلقاً!

 

ثم أي الحلمين يختار لكيما يغلب به الحلم الآخر؟

إنه يحلم بأنه يقتل واحداً لا يعرفه في الحقيقة ولا يحلم أنه يعرفه أصلاً في الحلم..

ويحلم أن واحداً يقتله.. لا يعرفه في الحقيقة ولكن يتعامل معه في الحلم معاملة المعروف لديه..

 

حل الطبيب طرح من الأسئلة أكثر مما اجاب..

ولكن لا ضير..

لا حاجة بعد لذاك الطبيب المتعب..

ولكن فكرة الطبيب استولت عليه قبل النوم، لاسيما وليس لديه حلاً آخر يفكر فيه..

ومجرد التفكير في اي شئ يبقيه على قيد اليقظة هو وقت مخصوم من عذاب الأحلام.ز

إنه مقبل على ليلة مريعة من ذينك الحلمين الخانقين..

فليواجه مصيره، وإن كان يستطيع تخفيضهما لحلم واحد فكيف؟

خطرت له فكرة.. سيحصر ذهنه في الحلمين قبل أن يغلبه النوم..

بدأت الافكار تتداعى: لا لم يخرف الطبيب تماماً..

نعم والواحد متيقظ يحكم التفكير في أحلامه عكسها وهو نائم حين تقوه هي دون رأي له..

الآن هو متيقظ وسيد أحلامه.. سيحدد قراره الآن قبل الدخول للنوم ويحدد أي الحلمين ينحاز له وأيهما يتخلص منه..

يكون قاتلاً أم مقتولاً في أحلامه؟ هذا هو السؤال!

غاص في سريره يوازن بين الحلمين ويقارن بعمق وعنف حتى غلبه النوم ولم يصل لقرار..

 

ولم يكن لديه وقت لمعاودة النظر في أي قرار لأن جثمان الرجل القتيل لا يزال يتحرك،

وعليه أن يجهز عليه بالفأس على جمجمته..

هذه أسهل طريقة.. هو يبحث عن الطريقة السهلة ويتعجّل دائماً وهو يحاول قتله،

لأنه لا يحب أن يرى قتيله في منظره هو حينما يواجه قاتله الدائم..

 

الآن لأول مرة يجتمع الرجلان معاً: قاتله وقتيله..

الرجل القاتل الذي يطارده يلوح في الأفق، وهو لم ينتهِ من أمر الرجل القتيل بعد..

 

مع اقتراب قاتله منه أتته لقطة الخلاص!!

استدعى كل مرات الأحلام السابقة.. نفس مشهد الوجه البارد ونفس توسله له بتركه وأنفاسه تنهج أو تنكتم..

نفس تفكيره الحاد هل يموت باختناق أنفاسه أم في سلاج اللقات السريعة في يد قاتله الرحمة من عذاب انعدام التنفس؟

نفس التكرار في كل مرة.. القاتل لا يغير قراره أبداً..

يعذبه بتركه للحيرة بين الموت اختناقاً أو تلقِّي الرصاص،

وهو بذات الوجه البارد الصامت..

كل مرة هكذا في كل حلم.. تكرار ممل داخل الحلم..

وهنا أتاه الخلاص!!

استدعاء الحلم في الحلم يُنبِّه الواحد أنه يحلم والحلم له نهاية إذ هو حلم نوم،

والمعرفة تدعو للترقّب، وترقّب النهاية أمل، والأمل في الخلاص خلاص..

تكاثُفٌ استدعاء سابق أحلامه في هذا الحلم، إن كان حلماً، هو لا يدري، جعله يتذكر شيئاً خارج الأحلام فيه تمام الخلاص..

في كل مرة يغمض عينيه ليواجه أيهما أسرع، هل يختنق أن ينزف بالرصاص، فإنه يصحو..

منطقيّ! طالما يتكرر المشهد إذاً له نهاية.. النهاية ليست له لأنه يكرر المشهد ولكن النهاية للمشهد المرعب ذاته..

تكاثف مشاهد الأحلام السابقة ذكّره بنهايتها.. تذكر الصحو وهو في الحلم.. هناك أمل هناك صحو حتى لو كان في الحلم إن كان  في حلم..

هو لا يدري.. ولكنه يتذكر أنه في كل مرة كان ينهي الحلم بنجاحه في تحريك يده لأعلى.. يقوم بعدها..

بل وقبلها كان تحريك يده يبعث تخديراً مخففاً لألم اختناق أنفاسه..

ليحرك يده وليضف لها ابتسامة الهزء بالقاتل إذاً..

 

ثقلت يده بشئ وهو يحاول رفعها للتلويح لقاتله لأول مرة مستهزئاً قبل ان يفلت منه بالصحو..

آه.. الفأس الذي كان يزمع تحطيم رأس قتيله به..

شعر أن الفأس ثقيل.. ثقيل جداً.. لا يتركه يحرك يده ليخفف من عذاب كتمان أنفاسه..

ليلقه.. ليلقه ويحرك يده ويهزأ بقاتله..

ولكن تركه ليس سهلاً.. كان مندفعاً للإجهاز على قتيله رحمةً به..

ومعبأً بتلك الرغبة المركبة بين قتله ورحمته كانت يده تمسك الفأس بقوة..

ولكن ينبغي ان يلقيه عنه.. ربما بيد حرة يستطيع مداواة قتيله قبل ان يلفظ أنفاسه..

 

صار كل تركيزه في تحرير يده..

سيداوي قتيله وسيبهزأ بقاتله وسينهي الحلم.. ويستعيد تجربة صحوه..

ولكن كيف ستكون هذه المرة؟

هل ستكون بعذاب الضمير المعتاد بعد حلم القتيل ما دفعه للطبيب؟

أم بالابتهاج بالنجاة من شر القاتل بعد انتهاء حلم الأخير ذاك؟

 

يا للخلاص.. الاختيار الصحيح..

حلم القاتل ينتهي بالحياة، وبالسرور بها، وبالارتياح بانتهاء شر ما قبلها..

وحلم القتيل هو ما قاده معذباً حتى الطبيب المتعب..

 

تمسك بهذا الاختيار وهو يسأل نفسه:

هل أنا لا أزال يقظاً أحاول أخذ قراري؟

أم أنني في حلم سينتهي واخرج منه ظافراً بمعرفة الاختيار الصحي؟!

المهم أنني في الطريق الصحيح.. وابتسم وهو يقول لنفسه:

= انتصرت!

ولا خوف من عذاب الأحلام بعد الآن....

المعذبون لا يبتسمون.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تكرم بمطلق رؤيتك في التعليق

تعريف بشخصي المتواضع

  سألني نظام المدونة عند الدخول أن أفيد بصفحة للتعريف بماهيتي... إيجازاً أحسبه بإنجاز أجيتُ: أنا ما أكتب.