الاثنين، 8 مارس 2021

خداع بصر (مجموعة "خداع بصر"- 20)

 

 

خداع بصر

 

،

،

،

،

،

،

،

،

،

= عفواً لكن لا أجد هنا نص قصة "خداع بصر"!


--- هل أنت متأكد أن هناك قصة بهذا الاسم هنا؟


= قطعاً.. وأحسبها أهمّ قصة هنا لأن عنوانها هو عنوان المجموعة كلها..


--- سأبحث لك.. قلت ما هو الاسم؟

 

= .... عذراً على الإزعاج.... لعله خداع بصر!!!

 

 

 

 

 

 

إلى اللقاء في فسحة ترفيه مع

حوليّات !!  
أو: ولكنّها تدور !!!!


فرخ الفولسكاب يكتب قصته (مجموعة "خداع بصر"- 19)

 

 

فرخ الفولسكاب

يكتب قصته

 


لست الكاتب الأصليّ لهذه القصة، ولعلي ترخّصتُ في تسويغ أسلوبها بموافقة كاتبها..
وهي قصة قصيرة.. أكرر رغماً عن النقاد هي "قصة" و"قصيرة" بحق كلمتي قصة قصيرة.. فهل أقصر من اليوم في عمر الزمن الذي هو قصير أصلاً؟
ليست هذه مقالة.. وإلا كنتُ أشرت على كاتبها أن يدفع بها لجريدة سيّارة يومية وبحظى بنشر اسمه في عواميد الكتاب..

وليست هي عظة.. وإلا كنت لا أبالي بالحرص على ذِكر كاتبها التعيس، من حيث ان الوعظ يسمح بالترخص في النقل والاستشهاد، وكنت قد ألقيتها بنفسي على المنابر واكتسبت شعبية بين مصاف الوعاظ ذوي الشعبيات المغرية..

وإذ يصرّ كاتبها المدقق على تسمية المسميات بأسمائها، ووضع المواضيع في مواضعها،

وإذ لم يجد من يقبلها منه، فقد طلب مني استضافتها في مجموعتي المتواضعة..

ولم أمانع في ضم القصة لمجموعتي المتواضعة مع الإشارة لمصدرها والاتفاق معه على حقي في بعض تعديل صياغتها-- لإيفاء الأمانة حقها..

ولهذه القصة مفارقة.. ففيها كانت "قصة الكتابة" أكثر إثارة من "كتابة القصة".. لأنها ليست مكتوبة على ورقة ولكن ورقة هي التي كتبتها..
أظن الآن بهذا التلميح فقد حان وقت كشف شخصية كاتبها..
كاتبها هو "فرخ فولزكاب" من تلك الأفرخ التي يتكب الناس عليها او يستعكلونها في أشياء أخرى هي موضوع قصته الذاتية..

وهذا ما تسلمته من الفولسكاب أعرضه بأمانة الناقل وتعديل المحرر:

 

فرخ الفولسكاب يكتب قصته

 

مقدمة

أكتب قصتي في يوم معاناتي!! يوم الحمقى العالمي..

ولست أنا من الحمقى، لكم الكرامة، ولكني "تاج راسهم".. نعم أنا تاج راس الحمقى.. ألست الـ"فلوزكاب".. انتهت المقدمة فشغفي هو بالمتن كما أني شغةف باسترضاء القارئ لأكسب تعاطفه في معاناتي المشروحة أسفله، ثم أني لست كاتباً مرتزقاً بحكم أوراق ما أكتب حتى اطيل على ضحايا القراءة بطول الإطناب في التقديم.. قلت انتهت المقدمة!

 

ترويسة البيانات:
الكاتب: ورقة فلوزكاب..

الناشر (من الباطن): هذا الذي يسرح في كلامي بالتعديل بحسب ما يظنه بلاغة وتسويغاً ولا حيلة لي فلم أجد غيره يستضيفها للنشر..

اليوم: هو اليوم العالمي للحمقى.. أول إبريل..
السنة: أية سنة لا فرق فالقصة تكرارية وذاك هو عنصر معانتها الأعنى وهل ثمة سنة ليس بها يوم عالمي للحمقى؟

وفي الموضوع:.

 

أبدأ من جدي الكبير

اعتاد جدي الكبير أن يتحمل حفر الكتابة على ظهره.. منذ أن ظهر جنسي في صورة اختراع ورق البردي وقدماء مصر يدعون العمل على ظهور أسلافي بلغتهم البديعة بكلمة معناها "حفر" أو "حرث".. ولا عجب فما يُكتَب عليّ هو حفر مسطور للتاريخ.. عمره أطول من عمر حافره.. كان المعلم يحمل اسم يماهي اسم الحارث لأن كلاهما يحرث: فأما الفلاح فيحرث على ظهر الأرض وأما المعلم فيحرث على ظهر الجدود من جنسي.. 
وتوثقت العلاقة بين جدودي وبين الكتبة والنساخ والمعلمين والعشرة مجلبة للمودة ولا أعشر من جلسة الكاتب منحنياً متقرفصاً  أمام "بيت اللوح" الذي هو لوح ظهر جدي محملقاً فيه حافراً في جلده جيئة وذهاباً بقلمه طيلة النهار.. كانوا يتعبون ويُتعِيون، ولكن...
كان تعبهم راحة.. لأنه، أي تعبهم الذي يتعبونني به، يخلد أسلافي فيما هم يخلدون ما حملوه على ظهورهم محفوراً في جلدهم..
ولأنه كان يجعل ثقات القوم يمسكونهم باحترام وتقدير وتوقير..
ولأنه كان يوظف من أجلهم فريق موظفين مربوظين على درجات الوظيفة الأميرية ليعتنوا بحفظهم بكل وقار وعمار في أرفف أنيقة..
كان للجد الكبير لجنسي شنة ورنة وقيمة وقامة وكرامة..

 

ليست قصة بعد

إلى هنا وقصتي ليست قصة ولا تزيد عن فصل من فصول كتب الحكمة، ولكن تقلبات الدهر ألقت بي في ختام الأزمان إلى أن أكون بطلاً لقصة قصيرة مريرة مستديمة متكررة قصة تتكرر يوماً واحداً في السنة ولكنها تتكرر بتكرار السنوات ولا يظهر أن الحال سيتغير مع طيلة دوام الزمن السرمد إلى حين يقضي خالق البرية قضاءه فيها وينهي زمنها الكئيب هذا..

ولما واتتني الفرصة لكتابة أمري أتعبني البحث عن موضع للقصص يحتويها حتى وصلتُ لكاتب هذه المجموعة الذي استضافها مشكوراً مع كلمة طيبة من جانبه أنه لا شكر على واجب وأنه مثلما وجد من ينشر له قصصه فهو مدين بنشر قصص غيره ولو من الباطن..

وستلاحظون أنه سيكتب اسمي بدقة، تليق بكونه من الغيورين على درجتهم العلمية، هكذا: "فُوولسْكاب".. ولكني أصر على كتابته هكذا "فلوزكاب" لأن هذا النطق والهجاء جميعاً أقرب لإحساس التجربة الشعورية لقصتي كما سيتضح لمن يواصل القراءة ممن وصلوا أصلاً للقراءة حتى هنا غير مبالين بإطالة المقدمة.. والآن قصتي القصيرة:

 

قصتي

قصتي شعارها هو اسمي.. فوولزكاب..

Fool'sCap
سموني بهذا الاسم لأن حجمي كورقة هو الأنسب لطويه في صورة "طرطور" وارتدائه في الحفلات الهازلة لمحاكاة منظر "العبيط." قل أو "الأحمق" قل..

ومن هنا عُرِف حجم الورقة الكافي لصنع هذا "الطرطور" بأنه فولسكاب  Fool's Cap

ولكن ينبغي الانتباه لِمَن يريد شراء رزمة ورق مِن حجمي ألا ينطقها صحيحةً وإلا ظنّه البائع "عبيطاً" يطلب الورق ليصنع به "طراطير"، فعلى من يريد شراء الورق أن يقول: "فلوزكاب" وبالفم الممتلئ حتى يحظى بالاحترام ويشتري ما يريد بكرامته وبافتخار البائع به أن له زبائن مثقفين..

 

أن مثلي من الورق حين يشتريه العاقل يكتب عليه ما يغرفه من دمه وأعصابه ويبقى عبر الزمن وانا ذاتي حين أقع في يد الأحمق فإنه يصنع مني طرطوراً لطيفاً يجعل الناس يضحكون ضحك السفاهة (الضحك أنواع تتناسب مع قيمة الضاحك ولكننا هنا مع ضحك "الطراطير" فهو ببعض المجاملة في الوصف "ضحك سفاهة")، فإذاً ذات الورقة، أنا أو أيُ من إخوتي، التي يُكتَب عليها عرق ودم وعصب الحكماء لتُحفَظ في أرفف المكتبات الكريمة هي ذاتها تصير طرطوراً يُضحِك السفهاء على سفيه قبل أن يلقوها عنه في الشارع..

 

الصورة هنا مفزعة التركيب،

وانا اصفها من واقع كونني أتحمل وطأتها التي تسلخ جلدي...

المفارقة تثير الانتباه: نفس الأداة تتحول لمخزن قيمة مع واحد وتتحول لقلّة قيمة مع آخر..

ليس بعدُ الأفدح والأنقح: فإن وجود صُنَّاع قلة القيمة لا يتوقَّف أمرهم على الهزل السمج فقط في تعاملهم معي، ولا على إتلاف مثائل بلا حصر لي دون نفع،

بل يتعدَّى ذلك لمرحلة الخطر على القيمة التي أحتضنها في صدري حين يكون نابغ ما قد سبق لي واستودعني كنوز ذهنه:

فإنهم حين لا يجدونني عاطلاً، من حيث سبق استعمال أحد العلماء لي، فإنهم لا يبالون بما أحمله من كلام له فيستعملونني بما هو مكتوب عليّ حتى يتلفونني معه..

والأخطر أنهم كلما كثروا يكثِّفون ضغط الرسالة السلبيّة التي تثبط من يكتبون شيئاً له قيمة.. وأنا اعلم أكثر من غيري بإحصاء الحال لأنني متفرغ له على وجهيه وأعرف أعداد الفرقاء وأثرهم المتراكم جيداً جداً، ومن يعرفه أكثر مني؟

 

ولما كان حالي هكذا بين كتابة بعرق ودموع ثم يوماً يعيدني واقعاً على أرض واقع البشر من فضاء التيه والزهو، فإننيكونت خبرة لا تتوفر لغيري صارت هذه الخبرة هي السطر النافع في قصة معاناتي والتي من أجلها رأساً عنيت بكتابة قصتي..

 

فلا يستخفَنّ واحد بالحماقة ويزهو بالذكاء كأنما حسم أمر التأهل للنهائيات.. فالنهاية أبعد مما يظن "الأذكياء"..

وعدوا معي سبعة مشاهد لمقاربة هزيمة أذكى الذكاء مقابل أهون الحماقة:

 

 

 

*  إن الحرب بين الذكاء والحماقة أو لأقل "الغباء" فهي كلمة أسهل وبنفس المعنى.... إنها حرب مردودة مترددة.. فمثلما يفسد الحمقى عمل الأذكياء فالأذكياء ينتقمون طبيعيّاً ويهزئون بالحمقى في النكات والأقوال المأثورة..

هل انتصر أو ينتصر او ثمة أمل لانتصار الأذكياء هكذا؟ اسألوني انا واشتروا مني... إنما النصر للحماقة دوماً!! لماذا؟ هذا سؤال لم يفكِّر الأغبياء والحمقى أنفسهم في إجابته رغم انهم هم المنتصرون، وإنما ديمومة انتصارهم هي أمر وجوديّ بحكم تعريف كيانهم..

وتفسيره بسيط ألا وهو أن الحماقة تجعل الأحمق أكثر غباوة من أن يعترف أنه في ناحية الأغبياء أصلاً، وبغير اعتراف حقيقي يداخل نفس المهزوم بهزيمته ويغلب عليه مكابرته فإنه لم ينهزم ولا حاز الذي يظن لنفسه النصر برهاناً على انتصاره..  هكذا فالحماقة تحصن نفسها بنفسها من الهزيمة لأنها تحتفظ ببرهان هزيمتها في قمقم دونه علاج الحماقة التي حار فيها حكماء التاريخ..

 

** أما حكماء الأذكياء، وليس جميعهم، فقد فهموا هذه العلة لهزيمتهم وأقرّوا أن انتصار الذكاء على الحماقة هو أن يقرّ الأحمق بغباوته أو الغبي بحماقته أو الأحمق الغبي بأنه غبي أحمق، وهذا ممتنع.. لو فعل ما كان وفسد تعريفه..

فلم يبقى للأذكياء إلا الغلبة في ميدان آخر وهو الغشّ والتحايل على الأغبياء لسرقتهم واستغلالهم، ولكن ليس كل الأذكياء أشرار، ولذلك انقسم البشر إلى ثلاثة: حمقى، وأذكياء أشرار يسرقون الحمقى، وأذكياء طيبين يكرههم الجميع: يكرههم الأذكياء الاشرار لأنهم يفضحون شرّهم، ويكرههم الحمقى لأنهم يقارنون بينهم وبين الأذكياء الأشرار فيجدون الأذكياء الأشرار يحبونهم ويعتبرونهم أذكياءً مثلهم ودوماً يشنّفون آذانهم بتكرار قولهم له:

"يا أذكياء يا علماء يا فهماء يا أفذاذ يا نوابغ يا جهابذ يا مصاقع يا من أعجزتم القواميس عن شمول وصف حكمتكم"

بينما الأذكياء الطيبون يكدرونهم دوماً بقولهم لهم "يا أغبياء يا حمقى استفيقوا"..

 

*** إذاً في خضم الحرب بين الأذكياء والحماقة هناك موقعة مثيرة في قلب الحرب هي مخادعة الأذكياء الأشرار الحمقى.. وهنا وفي قلب المواقع يتم اختطافي.. لأن آية ذلك الخداع من الأذكياء الأشرار للحمقى أنهم أقاموا يوماً للاحتفال بغنيمتهم من الحمقى هو هذا اليوم الفاتح لإبريل واللافف لي على رؤوس الحمقى أو الأذكياء الذين يهزئون بالحمقى.. وسواء هذا ام ذاك فالمىل واحد أنهم يلفونني على رؤوسهم قبلما يلقون بي في المزابل..

 

**** وتبقى هذه الثلاثيّة البشريّة التعسة قائمة طالما لم يفهم الحمقى أن الأذكياء الأشرار (وحاليّاً بعض الحمقى الغبياء الأشرار أيضاً) يخدعونهم ويقودونهم ويفتخرون على بعضهم البعض بعدد مريديهم وتابعيهم وطوع بنانهم من الحمقى...

 

***** والأنكت أن بعض الحمقى الأشرار (ربما بعض الحمقى طيبون لا أظلم الجميع وإن لم أتعرف على أولئك) القصد أن بعض الحمقى ممن يصدقون بقوة الأذكياء الأشرار الذين يخدعونهم فإذ يحسبون أنفسهم في مصاف الأذكياء فإنهم يتنافسون على خداع حمقى آخرين ليكون لهم أتباع مثلما للأذكياء...

 

***** وسيبقى الحال على ماهو عليه طالما لم يفهم الحمقى هذه الحقيقة وأنّى لهم ان يفهموا وهم .... غير أذكياء...

فهل ثمة ولو أمل نحيف للعلاج؟

بوزن خبرتي الغير القليلة بالشأن أعلن تأييدي لإجابة شاعر تعيس اعترف صريحاً بخلاصة الأمر:

لكل داء دواءُ يُستَطبّ به

إلا الحماقة أعيت من يداويها

ولو كان ثمة علاج لانشغلت بالبحث عنه إذ أنا أول المتضررين وما كنت لأنشغل بكتابة قصتي..

 

****** ولذلك، وإقراراً عالميّاً بانتصار الحمقى فهناك يوم احتفال دوليّ بهم:

هو هذا اليوم.. يوم معاناتي ويوم كتابة قصتي.. ضحكت أيما ضحك حينما اقترح أحد الأذكياء أن يقيموا يوماً للاحتفال بالأذكياءمثلما هناك يوم الحمقى العالمي.... هاهاها... كيف للأذكياء أن يحتفلوا بيوم لأنفسهم هل يتركهم الحمقى دون مزاجحمة إذ سيظنون حالها أن اليوم هو يومهم.

 

******* وبهذه النقطة فقد تمّ عدّ السبعة النقاط الموعود بها لتلخيص حال الحرب اليائسة ضد الحماقة.... ولولا أنني أكتب بدماء جديّتي فلعلّي كنتُ ختمتُ بدعابة، داعياً إياكم لتعداد النجوم للتأكد من أن الحساب صحيح وأنها سبع نجوم بالدقة الموعود بها تزيّن أحلى فولسكاب، ولكن ماذا أقول؟ أو كيف أختم، وأنا أكاد أرى من يعدّون النجوم في عز الظهر للتأكد من دقة حسابي، كيف أختم معكم إلا بكلمة تحية طيبة على صبركم لقراءة قصتي "يا أذكياء يا علماء يا فهماء يا أفذاذ يا نوابغ يا جهابذ يا مصاقع يا من أعجزتم القواميس عن شمول وصف حكمتكم"

فلوزكاب

 

 

ختام وسيط النشر (شخصي المتواضع)

انتهى ما تسلمته من قصة الأخ "فولسكاب" ولم أغير فيه إلا ضبط اللغة واستبدال بعض المفردات لتسويتها مع متوسط اللغة التي يستريح لها متوسط القراء ويستريح بالأكثر المخبرون من أهل الرقابة، على أنني أنوه أن الحقّ الأدبيّ محفوظ لصاحبها وأن أي مكسب ماديّ سأتحصّله من نشرها سأعيده له.....

تفسيرها بسيط يا جماعة هاشتري بيه ورق فولسكاب اكمل كتابة عليه.......



تحدي الجنون (مجموعة "خداع بصر"- 18)

 

 

تحدي الجنون !!

 

 

ليس المعنى أن أتحداك يا قارئ فيمن هو أكثر جنوناً أنت أم أنا!!

العنوان من "بنية الإضافة"ن و"وجه الإضافة" فيها أن "المُضاف إليه"

هو الفاعل في المٌضاف..

الجنون هو الذي يتحدّى!! يتحدى مظنتك أن عموم الناس عقلاء..

وقبل البداية أحدِّد موقعي من القضية:

لا لستُ من المجانين ولن أفاجئك في النهاية بشئ كهذا على أساس اتباع تلك الطريقة المبتذلة التي أسميها "ظرف الختام"..

فليست هذه الحركات مما يليق بالكتابة الجادة التي أجتهد فيها..

لا لست من المجانين، على الأقل في كتابة هذه الأطروحة،

التي أهدف فيها وبكل جدية من تحقيق ربح أنفقه على بقية مواطن الجنون التي تخصني..

وإنما لا اكتمك من البداية أنني أعمل عمل المرشد الذي ينبهك لحال من هو حولك.. جميعاً.. جميعاً..

سأشهّدك بنفسك على حال الجنون المتخفي في ثوب العقل والمستتر خلف ستار الاعتياد..

وسأدلّك على اختبارات عملية تجريها بذاتك لتكشفه وهو يتحدى البشر في عقر عمق عقولهم ويكسب دائماً التحدي..

 

من قال أن الجنون له علامات ظاهرة في سلوك صاحبه؟

أقصد إن من قال ذلك فهو لا يدري شيئاً عن الجنون ولم يعانِ يوماً من وطأة الجنون..

 

الجنون حاضر في كثير من الناس..

لايذهب ذهنك لمظنة أنني أحيلك لمجانين كرة القدم.. فأولئك ظاهري الجنون ولا يتكلّف كشف حالهم عناء كتابة سطر واحد..

ولا يليق بخطابنا أن يكون هكذا ساذجاً بإيضاح الواضح.. ولا اوضح من جنون أولئك المتعصبين لنوادي الكرة..

فهل من العقل أن ينسب واحد نفسه لكيان بلا معنى بل ولا كيان أصلاً..

مجرد اسم يتغير موظفوه ولاعبوه وجماهيره مع دورة الحياة،

لا بل ولا حتى اسمه يثبت دائماً..

إنها إشكالية عجز أرسطو عن فك طلاسمها بين الجوهر والأعراض..

ومع ذلك فلهذا "الكيان" الذي بلا كيان جمهور يقتل نفسه حزناً،

أو يقتل غيره شماتةً لكرة دخلت بالصدفة في شباك لم تجد من يحرسها..

لا لا أقصد أولئك الحمقى الذين جنونهم اظهر من أن يكتب العاقل فيه شيئاً اكثر من السطور السابقة..

 

ولا الكلام عن جمهور الملاهي والمراقص وما بها من جنون المجون.. هذا أظهر من التنويه له..

بل على العكس أن حال هكذا جنون من النوع الحميد..

الحمد هنا لا يعود على المجون حاشا ولكن على حيثية جنونه إذ هو ظاهر سافر يعلن عن نفسه للناظرين..

ولا يمنع الناظرون من التحرّص منه مع ظهوره لهم إلا أنه معدٍ يصيب من ينظره فيفقد استيعابه لكونه جنوناً ويفقد ذاكرته،

وإلا فإنه لو لم يفقدها لتذكّر أنه قد حكم عليه بالجنون حال مشاهدته له أولاً قبل أن تعمل فيه عدواه..

 

لا أتكلم عن الجنون اجلماعي على مثل تلك الشاكلات الظاهرة..

ولكن أتكلّم عن الجنون في أفراد لا يمكن تصور أنهم مجانين لمن لا ينظر جيداً..

والمفاجأة أن هؤلاء الأفراد هم كل عينات الجنس البشريّ..

 

ولا أطيل أكثر وأدخل في الموضوع:

تحدِّي الجنون..

انظر لأي واحد ستجده مجنوناً..

والاختبارات تترى وسيدها هو سيد الكوكب الذي يقطنه الجنس البشريّ المجنون..

إنه "الإعلان" الذي لا يعلو صوت فوق صوته..

تعال معي في حضرة سيد اختبارات الجنون للتأكد بنفسك:

هل الإعلانات عمل جنون؟ استحالة فلا أحد يقذف بأمواله دون طائل، بل لعل اختبار المال هو الذي يُشفي أشد المجانين من آفتهم..

إن من ينفقون المليارات لا بد أنهم يعقلون مكسبهم منها.. ولكن الجنون في الإعلان..

ليس في فعل الإعلان ولكن في "مفعوليته"!!

لأن الذي يقول بالفعل في الإعلان، ذاك التاجر الجبار الذي في موضع "الفاعل" ليس مجنوناً...

أو على الأقل ليس مجنوناً في عمل الإعلان، ولكن ماذا عمن يسكن في موضع المفعول فيه بالإعلان؟

هل من شك في جنونه؟

لولا يقين المعلنون من جنون المُعلَن عليهم لما أنفقوا عشر عائد تجارتهم على الإعلان عن تسعة أعشارها..

العقل يقضي بأنه متى تم الإعلام انتهى الإعلان..

متى علم المُعلَن فمن اللغو تكرار إعلانه بما علم به..

ولكن قضاء العقل غير نافذ في حالة الإعلانات..

العقل أن يسمع الواحد إعلاناً عن سلعة فيجربها، ولكن طالما جربها مرة كان بطُل الإعلان..

لم يعد للإعلان معنى.. صار غير ذي موضوع لدى العقلاء..

يُقال إن التجربة خير برهان، والصحيح أنها خير برهان قبل إنفاذها فمتى جرت التجربة وتمت،

ما عادت بعدُ خير برهان لأنها صارت الرهان الوحيد الذي يجب ويبطل بقية الأدلة.. هذا هو العقل، ولكن أين هو في الإعلانات؟

العقل يقتضي أن يستمر الإعلان حتى يقوم بعمل "الإعلام" فمتى علم جميع المستهدَقين انتهى أمر الإعلان..

فماذا يفيد استمراره إلا تعطل العقل؟ ماذا يعني دوامه إلا دوام الجنون؟

لولا ثقة المعلنين عن جنون الجمهور لما داوموا على إناق عشر أرباحهم هكذا..

انظر لأي واحد يشتري سلعة تجاوباً مع الإعلان عنها..

إن كان قد جربها وأقنعته فما حاجته لتكرار الإعلان ليكرر شراءه لها إلا أنه مجنون؟

النظرة العامة لاختبار الغعلانات يفيد بالتركيب العام للجنون، ولكن لا تجعل الغابة تعطلك عن تفاصيل عجائب أشجارها....

انظر للتفصيل في تكنيكات الإعلانات!!!!

انظر لأي إعلان... انظر بعدما تنفض عن نفسك الاستخفاف بعملك هذا..

انظر وانت محترس من سرحان الاعتياد.. انظر في الإعلان كأنك وانت بحق تنظر في سر من أسرار البشر..

الآن وأنت تنظر في الإعلان أي إعلان فأنت في معمل فحص تفاصيل الجنون.. أنت ترى بدائع طبيعة البشر..

أي مجون هذا الذي ينظر لحسناء تلتهم شرائح البطاطس كأنها ضبعة مفترسة

فيذهب ليشتري الشرائح وفي مخيلته أنه يلتهم الحسناء؟

ما العلاقة الموضوعية بين البطاطس والممثلة المأجورة؟ اسأل الزبون هل هو مغفلأ؟ هل يظن أن الإعلان صادق؟

حاشا وكلا الزبون ليس هكذا مغفلاً.. ولكن هذا دليلي لا دليلك أنت،

فالغفلة عذر دون الجنون، والمغفل معذور بجهله.. والجنون لا يثبت إلا مع ثبوت توفر المعرفة..

وزبون اختبارنا هذا يعلم أن البطاطس أم قلاقة ورقات من فئة الجنيه لا يصرفون معها جسناء ولا صورة حسناء..

ويعلم أن حسناءالإعلان تقبض في ظهورها قيمة محل البقالة كله الذي يشتري منه الزبون شرائح البطاطس..

ولكن امنع عنه الإعلان تده امتنع عن شراء الشرائح.. لذلك فالمعلن عاقل لأنه لم يتوقف عن الإلحاح بإعلانه..

وبقدر ما هو عاقل في هذا فالزبون ...... غير عاقل..

 

واختبار آخر يضمن لك التثبت من صحة نظريتي..

انظر لاختبار الضحك..

هذا لن يكلفك أكثر من نكتتين تحفظمها وتتدرب قليلاً على إلقائهما..

قل نكتة غير مضحكة وتابع ردود الفعل ستجد من ينفجر ضحكاً.. ها أنت تكشف واحداً..

قل نكتة أخرى مضحكة جداً وانظر لمن ينفجرون ضحكاً عليها ستجد واحداً لا يضحك كما ينبغي.. ها قد كشفت واحداً آخر..

 

هل الباقون إذاً عقلاء؟ لعل فرصة كشفهم لم تأت بعد ليس أكثر.. اصبر وتابع النظر لهم في مواقف أخرى..

تابع ذاك الذي يعمل في مؤسسة تشترط حسن المظهر.. ليس من الجنون انه يعقد قماشة حول عنقه فهذا مفهوم في علم الجمال،

وليس في عمله جنوناً وغن كان آخرون من أزمنة أخرى قد يخالفونني الحكم هنا،

ولكني لن اتعسف واستشهد بهم لمعرفتي بأن الجمال نسبيّ والجنون مطلق،

وطالما الواحد يتابع مقاييس الجمال في الأناقة بحسب زمنه فهذا لا جنون فيه..

نعم لو أردت التعسف لحكمت على الجميع بالجنون من واقع كل شئ يعملونه ولكن ليس ثمة قصد لتلفيق نتيجة..

وإنما القصد الصحيح هو التنبيه القائم على شواهد صادقة لحال الجنون المتموجد (من العلاقة الوجودية) في نفوس البشر..

لا أتوه عن الحالة الأخيرة حالة ذلك الذي ضحك على النكات بحسب ما تستوجب فلم يثبت عليه الجنون بمجرد اختبار الضحك،

ذلك الشخص العيّنة الذي أشرتُ منذ سطور بمتابعته في ظروف أخرى وظهر أنه يعمل في مؤسسة تشترط حسن المظهر..

انظر له الآن وهو في عطلة طويلة وها هو يعود لمسكنه ويخلع سترته الانيقة ويفك عن عنقه القماشة التي كان يربطها بها،

ويلبس روباً حريرياً براقاً.. لماذا؟ لمن؟

شئ من اثنين أما أنه يلبسه لأنه مجنون أو يلبسه ليتمتع هو نفسه بمرآة نفسه في ثوب جميل،

ولكن... كيف سيرى نفسه؟

,

,

,

,

,

,

,

,

,

,

,

,

,

,

ليس إلا المرآة!!

هاهاها...

ألم أقل لك؟! المرآة موظن الجنون يا عقلاء.. هل صدقتني الآن؟ الجميع مجانين ولكن جنونهم لم يأخذ فرصته العادلة بعد!


تعريف بشخصي المتواضع

  سألني نظام المدونة عند الدخول أن أفيد بصفحة للتعريف بماهيتي... إيجازاً أحسبه بإنجاز أجيتُ: أنا ما أكتب.