كل مرة
اقترب من التمثيل الرسميّ لجهة ما، إلى التحدث باسمها، الوفوف خطيباً أولاً لها، يسبقني آخر..
ولكن
شكراً لقيراط الحظ الذي بحقق السهل الممتنع عن فدان الشطارة..
كان
هذا الدرس أرسخ ما تربّع في ذهني من الدراسة الابتدائية التي في سنتي الأولى بها أطلقوا
حملة تسمية الفصول باسم الأول دراسياً،
وكنت "الأول
مكرر" بسبب ترتيب حروف الهجاء ففقدت فرصتي التي اقتنصها الأول "غير
مكرر" واسمه "ظافر" يسبق اسمي بحرف في ترتيب الهجاء المعمول به ألف
باء تاء ثاء..."، وأما لو كان الترتيب التقليديّ "أبجد هوز..." هو
المُعتَمَد لكنت أنا الأول وكان "ظافر" غير ظافر بتمثيل الفصل..
في السنة
الثانية سأل مشرف الفصول: "من كان ممثل الفصل في السنة الماضية؟" وكرّره..
وفي كل
سنة لم تعدم المقادير حيلة لتقريبي من اللقب قبل حرماني منه..
في السنة
الأخيرة من دراستي الابتدائية جدّ على المدرسة طلبة "وافدين" من بلد قريب
لظروف حرب هنالك..
وتصادف
أن واحداً فيهم تطابق اسمه مع اسمي "عبده النقاش"..
وكنت قد
حافظتُ على تفوقي الدراسيّ وتخطيتٌ "ظافر" ذاك الذي تعثّر في مسألة
تافهة فصار "الثاني"، فأتى
الوافد وأنا الأول منفرداً....
ولكن ويالعجب الصدفة المُركَّبَة فإن من تصادف
أن يكون سميّاً لي تصادف أن يتفوق! ويحصد الدرجات النهائية.. نعم كان "عبده النقاش"
الضيف الوافد هو أيضاً الأول.. كان الشهر الأخير قبل الامتحان النهائيّ للدراسة
الابتدائيّة!
وكانت
صدفة تطابق الاسم مع اقتسام المركز الأول في ذلك الشهر مثار تندر من الجميع، فكان طبيعياً أن نتعارف..
وكانت
علاقتي به طيبة للغاية ولاسيما وهو لطيف المعشر،
وأتذكّر
حينما حيّاني أول لقائنا بلكنة لطيفة بقوله "تكرم عيونك"..
وأما عندما
كان يحبّي مدرساً كان يقول: "تكرم عيونك سيّدي"..
كان الزميل يتكلم
بطلاقة ذات لكنة لطيفة محببة للجميع طالما شغفوا بمحاكاتها ولم أكن استثناءً منهم..
قبل
ختام العام الدراسيّ النهائيّ للدراسة الابتدائيّة، أعلنت إدارة المنطقة التعليمية
عن ملتقى دولي إقليميّ للمدارس الابتدائية،
ويمثل
كل مدرسة فيها طالب واحد!
هل
تكون فرصتي للوقوف ممثلاً للمدرسة؟ عبثاً..
علمت أن
لجنة المسابقة الداخلية في مدرستنا بعدما فحصت درجات نتيجة آخر شهر تخيّرت قليلاُ
في المفاضلة بيني وبين الزميل الوافد..
لقد
اعتبرت اللجنة أن نتائجي السابقة لا يجوز النظر فيها لكون الزميل المنافس لم يكن
قد جاء للمدرسة بعدُ، وبقيت تفاضل باعتبارات متنوعة حتى غلّبت سميّي الوافد بنصف درجة
لجودة خطه!!
لقد
علمتُ كل هذا من مدرس قريب كان متصلاً باللجنة فأفادني بالنتيجة وبمعاييرها حتى لا
أُصدَم..
وهكذا
بدا أني فقدت فرصتي مرة جديدة..
في يومٍ
تالٍ تغيّب الوافد عن اليوم الدراسيّ كله،
وكان
هو اليوم الذي دخل الفصل مندوبٌ من مكتب مدير المدرسة وصاح:
--- عبده
النقاش مطلوب لمكتب المدير!!
فذهبت
ولم يكن قد سبق لي لقاء المدير شخصياً..
بمجرد
دخولي بادرني المدير:
---- يا عبده تقديراتك عظيمة ورغم أنك وافد ولكننا نعاملكم
معاملة أبناء الوطن،
ويسر مدرستنا
أن يمثلها احد اخوتنا الوافدين في الملتقى الدوليّ،
تفضّل
بطاقة الدعوة للدخول لحفل الخطابة ممثلاً لمدرستنا كلها وخطيباً باسمها ومتحدثاً
باسمي أنا شخصيّاً في الاحتفال.. مبروك يا عبده..
أعرف
كيف حدث كل ما سبق، ولكن بصدق لا أعرف كيف حدث ما يلي..
إذ تلقّفت
بطاقة الدعوة تلقاءً، وأنا أجيبه بلا تردد وبطلاقة ذات لكنة لطيفة:
= تكرم
عيونك... سيدي.
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفقصة جميلة وخفيفة الظل
ردحذفحدث معي في الحقيقة شئ مشابه نوعا ما
فقط عند تقديم اوراقي في المدرسة الثانويه بعد اتمامي المرحله الاعداديه
كان الطالب الواقف امامي بالطابور يقدم اوراقه للموظف ونطق اسمي الثلاثي فاجبت نعم ولكني اكتشفت انه اسمه هوالثلاثي مطابق لاسمي......من غير "تسلم عيونك" انسحبت و خرجت من الطابور بل من المدرسه وقدمت اوراقي بمدرسه اخري
تكرم ع التعليق خيّ.. شو المانع تكتب قصتك وتنشرها هون؟
حذف