الأربعاء، 3 مارس 2021

قصة قصيرة!! (مجموعة "خداع بصر"- 5)

 

قصة قصيرة !!

 

= إنها قصة قصيرة يا أنذال.. قصة قصيرة يا مجرمون..

--- نجيب محفوظ شخصياً كان يكتب روايات ملحمية وتختزلها أفلام السينما وتطيح بأبدع ما فيها..

= لأن المخرجين لا يفهمونها!

--- أو العكس!! لعلهم يفهموتها.. ويفهمزم شغلهم.. ويفهمون أنها مضيعة للوقت وواقعة بخسارة والأوجب حذفها..

= ولكني لست نجيب محفوظ..

كأنك تقنعني أن أترك أولادي للتسكع في الشوارع لأن جابرييل جارثيا ماركز كان يشجع أولاده على احتراف النشل..

--- مالك أنت ومال نجيب محفوظ وجارسيا ماركيز.. لقد أتينا لك بفرصة يشتهيها أساتذة كبار..

= أنت من استدعى اسم نجيب محفوظ لا أنا.. وأنا أرد وأفند حجتك..

--- صحيح لأني أقنعك أنك محظوظ وأن ما نطلبه منك لم يمانع نجيب محفوظ شخصياً بالتضحية بما هو أكثر منه..

نجيب محفوظ كاتب عالميّ لروايات طويلة بل ملحمية وكانت الأفلام تختزلها.. ويقول إن له روايته وللمخرجين فيلهم..

وأما أنت فتكتب مجرد قصص قصيرة والأفلام ستزيدها طولاً وتزيدك ثراءً..

يعني تكسب وتزيد على كل وجه ولا يُختضزَل منك شئ وانت لاتزال مبتدئاً..

= إنها قصص قصيرة يا دخلاء.. أشرح لكم..

إنها لا ليست قصص قصيرة بل قصص كثيفة..

أنا أدعو لتغيير اسم القصة القصيرة إلى القصة الكثيفة لأنها لا تقصر دون شئ مما تنشد بلوغه..

إنها سطور تكثف لحظة إنسانية..

دعو قصتي القصيرة لجمهورها!!

جمهور اللحظة جمهور البقاء يوماً يفكرون في لحظة مكثفة صاغها لهم من يفهم كيف يقرئون اللحظة المكثفة..

دعو ثالوث كاتب القصة القصيرة وقارئ القصة القصيرة وشخصية القصة القصيرة مع نفسه..

ما أقحمكم فيه لإفساد هناءة اجتمعه معاً بإجرامكم واختطافكم هذا؟

أفلامكم لها مصادر تترى بعيداً عن قصت القصيرة..

--- لنغير لغة الحوار: لن تستطيع حماية قصتك القصيرة لأنها مجرد قصة قصيرة..

فكرة بلا حجم ذي بال لن يمكنك من ثم إثبات أن فكرة الفيلم مأخوذة منها..

وحتى لو قدرت فلن تقدر قبل سنة واثنتين ويكون الفيلم قد ظهر وربح...

وسيحكمون لك جدلاً بمبلغ هو عشر ما نعرضه عليك بالاتفاق ودون خسارة وقت ولا أعصاب..

أي عاقل يقبل.. أي عاقل..

= أنا كاتب.. كاتب قصص قصيرة.. وهذه قصة قصيرة يا أنجاس.. لا يجوز تحويلها لفيلم.. انت لا تفهمون القصة القصيرة....

 

تجهمت وجوه الحضور

فأردف في اندفاعه الهائج:

= ولا حتى تفهمون السينما

فانفجرت ضحكاتهم بنبرة قبيحة الاستهزاء..

أكمل بصوت متهدج:

= عرضكم\تهديدكم كسافل يعرض على رجل كريم أن يتزوج ابنته بموافقته ومباركته وحضوره للزفاف أو أن يغتصبها قهراً أمامه..

يا ملاعين يا فاقدين لكل قيمة.... مالكم وقصتي القصيرة؟!

وصل خطابيّاً إلى هذا القول وقد وصل معه بدنياً للتشويح بيديه كمن يدافع عن أسرته،

وهو يمسك بالدفتر الذي من الواضح أنه يحمل سكريبت قصته القصيرة..

 

الآن في ختام نوبة هياجه الأولى نظر لهم نظرة الدعوة السافرة للطرد الخالية من أي ود مجاملة،

فوجدهم يجيلون بصرهم في غرفته فتبابع أينيقع بصرهم فانتباته حالة الهياج ثانيةً،

وقام يجمع كل الدفاتر ويحتضنها كمن يحميها من وحوش كاسرة، وهو يقول:

= وكل هذه قصص قصيرة أيضاً..

وانا في سبيلي لتصحيح التسمية وتسميتها قصص كثيفة.. قصص اللحظة المكثفة..

وأنتم تريدون أن تنتهكوها وتمطوها في سماجات أعمالكم..

لن تأخذوا قصتي ولو استدعاني الأمر أن أحوّلكم لقصص جريمة.. يا مجرمون يا سفلة..

 

كان قد بلغ قمة نوبة هياجه الثانية وهو يطيح في كل اتجاه بعدما وضع قصصه القصيرة على منضدة خلف ظهره..

واستفاق حين تنبه أنه وحيداً في الغرفة.. لم يدر إن كن وحيداً لأنه طردهم من الغرفة.. أم من خياله.....

لا يهم المهم أنهم انزاحوا دون أن يختطفو كراسة القصة القصيرة التي طمعوا فيها..

بقي مضطرباً ولم يهدأ هدوء الرضا حتى نظر لقصصه القصيرة مجتمعة على المنضدة، بعدما صار وحيداً في الغرفة..

لا ليس وحيداً الآن، ليس وحيداً أبداً....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تكرم بمطلق رؤيتك في التعليق

تعريف بشخصي المتواضع

  سألني نظام المدونة عند الدخول أن أفيد بصفحة للتعريف بماهيتي... إيجازاً أحسبه بإنجاز أجيتُ: أنا ما أكتب.